الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الطبقة الحاكمة تدفع بالطبقة الـوسطـى إلـى فـوهـة بركـان

نشر في  27 سبتمبر 2017  (11:10)

رغم كلّ ما يكتبه الصّحافيون والمحلّلون الذين لا يسيرون في ركاب رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، فانّ حكام البلاد لا يستمعون الاّ لأنفسهم وأغلبهم لا يشغلهم سوى البقاء على كرسي الحكم الذي يمنح الجاه والمال.
أيعقل ألاّ تتحرّك الرئاستان لمحاربة التهاب الأسعار والحال أنّ الأغلبية الساحقة من الشعب التونسي باتت من الفقراء؟.. لقد كانت الطبقة الوسطى تفوق 70 ٪ من عدد السكّان العاملين فأصبحت لا تتجاوز 30 ٪ والانحدار في استمرار.. لقد دفعت الطبقة الحاكمة بالطبقة الوسطى الى فوهة بركان أو فم الأسد ثم تركتها تتخبط في مشاكلها والقادم أتعس لان الزيادات المنتظرة في بعض المواد وأيضا في الجباية ستزيد الطين بلة والوضع تعفنا! واضافة الى اسعار الكهرباء والماء والنقل هناك زيادات مرتقبة على غرار الطابع الجبائي للسّفر ومعلوم الجولان للسيارات وبطاقات الشحن الهاتفي والوقود والقيمة المضافة والأداءات علاوة على ارتفاع اسعار الخضر والغلال والملابس والأدوية ومعاليم النقل والسيارات الشعبية وأغلب البضائع المستوردة! والمؤلم أنّه عوض أن تحاول الحكومة ايجاد مداخيل جديدة وهامّة من خلال مكافحة التهرّب الجبائي المدمّر، التجأت للتداين الخارجي وللضّغط على ضعفاء الحال والموظّفين والعمّال، وكلّ هذا يمثل أكبر خطر على الاستقرار الاجتماعي.. ثم إذا كانت التجارة الموازية تمثّل 50 ٪ من المنتوج الخام، لماذا لم تجبر الحكومة المهرّبين والصناعيين الذين ليس لهم وجود قانوني ـ وهم معروفون ـ على دفع الأداءات وضخ أموالهم في البنوك؟

انّ بعض كبار المهربين ـ ونظرا الى انتمائهم لكبار الأحزاب ـ صاروا فوق كل القوانين لأنّه باعتلاء الترويكا كرسي الحكم سمحت للّصوص باختراق أجهزة الدولة وشراء ذمم بعض المسؤولين والنافذين من الإداريين! ولو استمرّت السلطة في هذا النهج لانفجرت ثورات جهوية لا يتصورها «الحاكم»..
على صعيد آخر أستغرب تجاهل الحكومة لآراء المثقّفين وتحاليلهم، فبدل أن يستقبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة «كبار» السياسيين، كان عليهما استقبال كبار المسرحيين والسينمائيين والكتاب والمبدعين (الذين لا تتجاوز أعمارهم السبعين) حتى يظفرا بأفكار غير مألوفة ومن زاوية غير سياسية،  ذلك أنّ الطبقة السياسية لم تفرز الى يومنا هذا الاّ الفشل والعنف وفي بعض الأحيان الارهاب.. لقد كان بورقيبة ـ الزّعيم ـ يدعو الى مائدته كبار المفكّرين ويتناقش معهم وإن كان يتجنّب من يحرجه، لكن كان هناك احترام نسبي للفكر ورجالاته.. ومع هذا لماذا لا تصغي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لبعض النساء المشهود لهنّ بالفكر النيّر،  علما انّ تونس كانت وستظلّ بلاد النساء المثقّفات والتقدّميات والإطارات القيّمة.

...وفضلا عن كلّ هذا، فالتقصير في حقّ الشّباب الذين يعتبرون عماد المستقبل واضح وجليّ، فانّه لم يكف ان أقصوهم من مواقع القرار وحتى التحليل والتقييم، ها انّ الماسكين بالسلطة عازفون عن الاستماع اليهم، وان حدث أن رأينا شبّانا وشابّات في احدى التظاهرات فذلك لتزيين المشهد وتوظيفهم أمام الكاميراهات.
انّ تونس سجينة بأيدي كهولها وأحزابها فأيّ غد ينتظر بلادنا؟!